المادة    
قال رحمه الله: [وأنكرت الجهمية حقيقة المحبة من الجانبين] فقالوا: إن الله تعالى لا يُحِب ولا يُحَب.
وهنا نرجع إلى الأصل الفلسفي الذي أخذوا منه وهو قولهم: " زعماً منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب، وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب المحبة". وقبل أن نشرح الفقرة نتكلم قليلاً عن الفلاسفة: فـ(فيلسوف) كلمة معربة، وأصلها (فيلاسوفياً)، ومعناها: محب الحكمة، أو الحكيم الذي يحب الحكمة ويعشق الحكمة، ولهذا كانوا يسمون بالحكماء.
وهؤلاء الفلاسفة حقيقة دينهم واعتقادهم في الإلهيات أن الله تبارك وتعالى لا يوصف بشيء مطلقاً، قالوا: لأنه أجل وأعظم من أن نصفه بشيء، هذا الكلام صحيح إذا كان الوصف من تلقاء أنفسنا، لأننا قد نصفه بشيء لا يليق به سبحانه، لكن إذا جاء هذا الوصف من عنده سبحانه وتعالى، فإننا نصفه بما وصف به نفسه، لكن هؤلاء القوم إما أنهم عاشوا في فترة من الرسل، أو أنهم عاشوا في فترات تحريف لدعوات الرسل، أو أنهم كانوا من المكذبين للرسل، فلا يخلو الأمر من ذلك، فلهذا استقلوا بعقولهم في معرفة الله عما جاءت به رسل الله، وإلا فرسل الله تعالى ما جاءوا إلا بالتوحيد الصحيح الذي فيه إثبات صفات الله سبحانه وتعالى، فكل الأنبياء دعوا أقوامهم إلى الله، وعرفوهم بالله سبحانه وتعالى بلا ريب، وإن كان أكثرهم وأعظمهم في ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الفلاسفة بمحض العقول قالوا: لا نصفه بشيء، ويظنون أن ذلك من باب الإجلال له؛ لأن المسألة عندهم ليست مجرد عناد للرسل، أو مجرد إنكار للصفات، بل يظنون أنهم أتوا بالحق في حق المعبود سبحانه وتعالى. حتى غلا بعضهم فقال: لا نصفه بشيء مطلقاً، لا بصفات الإثبات، ولا بصفات النفي، والبعض الآخر قال: لا نثبت له شيئاً، ولكن نصفه بالسلوب فقط -أي: نصفه بالصفات السلبية فقط- فإذا قلت: إن الله عليم، خبير، سميع، بصير، هذا عندهم تشبيه وتمثيل.
  1. الطوائف المنحرفة في الصفات ودرجات انحرافهم

  2. عقيدة اليهود في الصفات

  3. كيفية دخول مذهب التمثيل إلى المسلمين عن طريق اليهود